سوريا 
تقع الرقة في شمال سوريا على ضفاف نهر الفرات العظيم، وقد وقفت طويلاً كمفترق طرق للتاريخ والثقافة. تأسست في العصر الهلنستي باسم نيكيفوريون ثم سُميت لاحقًا كالينيكوم، وازدهرت خلال العصر العباسي عندما أصبحت إحدى عواصم الخلافة. عكست مساجدها وقصورها وأسواقها دورها المركزي في العصر الذهبي الإسلامي وأهميتها الاستراتيجية على طرق التجارة الإقليمية.
الخلفية التاريخية والثقافية
في القرن الثامن، اختار الخليفة هارون الرشيد الرقة كقاعدة لعملياته، وبنى فيها قصورًا ومراكز إدارية رائعة. وعلى مر القرون، شهدت المدينة موجات من الغزو وإعادة الإعمار، بينما حافظ أهلها على هوية ثقافية مميزة مرتبطة بالنهر والسهول الخصبة المحيطة به. كانت الحرف التقليدية والأسواق النابضة والمهرجانات الموسمية تمنح الرقة سمعتها كمدينة حيوية ومجتمع فخور.
الحرب وما بعدها
في أوائل القرن الحادي والعشرين، أصبحت الرقة للأسف مرادفًا للعنف حين سيطر عليها تنظيم داعش عام 2014 وأعلنها عاصمة ما سماه بالخلافة. عانت المدينة من سنوات من الإرهاب والقمع الوحشي، ثم حملة عسكرية مدمرة لتحريرها. وبحلول أواخر 2017، كانت الرقة قد تحولت إلى أنقاض — أحياء بأكملها سويت بالأرض، وبنيتها التحتية مدمرة، وعشرات الآلاف من سكانها مشردين.
الوضع الحالي (يوليو 2025)
حتى يوليو 2025، تنهض الرقة ببطء من تحت الرماد. مشاريع إعادة الإعمار جارية بدعم من وكالات الإغاثة الدولية والسلطات السورية والمبادرات الشعبية. أزيلت الأنقاض من الطرق الرئيسية، وأعيد جزئيًا الماء والكهرباء، وأُعيد افتتاح المدارس في عدد من الأحياء. كما تتوسع الخدمات الصحية تدريجيًا بفضل جهود المنظمات غير الحكومية والفرق الطبية المحلية.
ورغم التحديات المستمرة — مثل نقص المساكن والبطالة والندوب النفسية للحرب — يُظهر أهل الرقة صمودًا رائعًا. يعيدون بناء بيوتهم حجرًا تلو الآخر، تعود الأسواق للعمل مع التجار الذين يبيعون المنتجات والنسيج، ويلعب الأطفال مجددًا في الشوارع. كما ظهرت مراكز مجتمعية ومجموعات شبابية لتعزيز التعافي والتعليم والتماسك الاجتماعي.
الاقتصاد والمجتمع
كان اقتصاد الرقة يعتمد سابقًا على الزراعة والتجارة والصناعات الخفيفة، وهو يتعافى ببطء. تعود الأراضي المحيطة المروية بمياه الفرات إلى إنتاج القمح والشعير والقطن. استأنفت الورش الصغيرة والمتاجر عملها في المدينة، وتخلق جهود إعادة الإعمار فرص عمل جديدة. تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا متزايد الأهمية في دعم الفئات الأكثر ضعفًا، وتقديم التدريب المهني، وتشجيع مشاركة النساء في إعادة بناء المجتمع.
أهم المعالم والوجهات
- جامع المنصور: رغم الأضرار، لا يزال هذا الجامع التاريخي رمزًا لتراث الرقة الإسلامي.
- باب بغداد: أحد أشهر المعالم الباقية في المدينة، شاهد على مجدها العباسي.
- نهر الفرات: شريان الحياة في المنطقة، يقدم مناظر خلابة ويدعم الزراعة والحياة على ضفافه.
- أسواق المدينة القديمة: تعود للحياة ببطء، حيث يبيع الباعة التوابل والنسيج وغير ذلك.
الرقة اليوم مدينة في مرحلة انتقالية — مثقلة بجراح ماضيها القريب لكنها غير منكسرة، مصممة على استعادة مكانتها كمركز نابض للثقافة والتجارة على ضفاف الفرات. قصتها قصة فقدان عميق لكنها أيضًا قصة شجاعة استثنائية وأمل في مستقبل أكثر إشراقًا.