تقع حمص في وسط سوريا على ضفاف نهر العاصي، وكانت تاريخيًا مركزًا صناعيًا وتجاريًا حيويًا. عُرفت أثناء الحرب بلقب «عاصمة الثورة»، وأصبحت ساحة معركة رئيسية في الحرب الأهلية السورية وتعرضت لدمار واسع النطاق.
الأهمية التاريخية
لحمص تاريخ طويل وعريق. في العصور القديمة كانت تعرف باسم «إيميسا»، مدينة بارزة في ظل الحكم الروماني. اشتهرت بمعبدها الكبير المكرس لإله الشمس «إيلاجابال»، كما أنجبت الإمبراطور الروماني الذي حمل نفس الاسم. ازدهرت المدينة في العصر الإسلامي كمحطة استراتيجية بين دمشق وحلب. ويخلد جامع خالد بن الوليد ذكرى أحد أعظم القادة في الإسلام، المدفون فيها، ويقف كرمز للأهمية الدينية والتاريخية للمدينة.
الحرب وما بعدها
كانت حمص من أولى المدن الكبرى التي شهدت احتجاجات واسعة النطاق في عام 2011 وسرعان ما أصبحت مركزًا للنزاع المسلح. دُمرت أحياء بأكملها مثل بابا عمرو والخالدية خلال سنوات من الحصار والقصف. نزح عشرات الآلاف من السكان، وانهار جزء كبير من اقتصاد المدينة وبنيتها التحتية.
الوضع الحالي (يوليو 2025)
حتى يوليو 2025، تخرج حمص ببطء من ظل الحرب. لا تزال مساحات كبيرة من المدينة متضررة بشدة، خاصة في المدينة القديمة ومعاقل المعارضة السابقة، لكن أعمال إعادة الإعمار جارية. أعادت الحكومة السورية، بدعم من وكالات دولية ومنظمات غير حكومية، بناء البنية التحتية الرئيسية، وأعادت فتح المدارس والمستشفيات، وأزالت الأنقاض من الشوارع الرئيسية. عاد العديد من النازحين إلى المدينة، رغم استمرار تحديات مثل البطالة ونقص المساكن.
الاقتصاد والمجتمع
قبل الحرب، كانت حمص واحدة من المراكز الصناعية الرئيسية في سوريا، تضم مصافي نفط، مصانع نسيج، مصانع للأغذية، وتجارة زراعية مزدهرة من المزارع المحيطة. استأنفت بعض الصناعات عملها، مما أعاد فرص عمل محدودة ونشاطًا اقتصاديًا. لا تزال الزراعة مهمة، حيث تُزرع القمح والقطن والزيتون والخضروات في سهول حمص الخصبة. يشتهر أهل حمص بصمودهم وإبداعهم وروح الدعابة لديهم، وهي سمات لا تزال تساعدهم في عملية التعافي.
الثقافة والتراث
تستعيد الحياة الثقافية في حمص عافيتها، مع جهود لإعادة تأهيل المعالم التاريخية، وإعادة فتح المراكز الثقافية، وتنظيم المهرجانات والفعاليات الموسيقية. أعيد ترميم جامع خالد بن الوليد جزئيًا وأعيد افتتاحه للمصلين. كما أعيد فتح الأسواق والمقاهي التقليدية في أجزاء من المدينة القديمة، لتقدم لمحة عن الحياة الطبيعية والروح الصامدة لسكان المدينة.
أهم المعالم
- جامع خالد بن الوليد: مسجد جميل على الطراز العثماني، تم ترميمه جزئيًا بعد أضرار جسيمة، وموقع حج مهم.
- المدينة القديمة في حمص: جزء صامد من المدينة، بعمارتها القديمة وأزقتها الضيقة التي تعود للحياة تدريجيًا.
- نهر العاصي: شريان حياة حمص، يدعم الزراعة ويوفر منظرًا طبيعيًا هادئًا.
- المتحف الوطني في حمص: يخضع لإعادة تأهيل ليعرض من جديد القطع الأثرية والتاريخية الغنية للمدينة.
تقف حمص اليوم كرمز لكل من تكاليف النزاع وعزيمة شعبها على إعادة البناء. موقعها المركزي، تراثها الثقافي، وسكانها المجتهدون يضمنون بقاءها حجر زاوية في تعافي سوريا.
سوريا